أهمية العوامل النفسية للحكم

أهمية العوامل النفسية للحكم

بقلم (( كارل جونجبراند )) : حكم دولي منذ عام 1986.  حكم في أربع بطولات أولمبية، وثلاث مرات في بطولة العالم للرجال, وثلاث نهائيات أوربية، وتسع مباريات نصف نهائية أوربية وأكثر من 900 مباراة دولية. 

  عندما يسأل الحكام عن أكثر الصفات المهمة للحكم الجيد، فإنهم غالبا ما يجمعون قائمة طويلة من المهارات المختلفة ،التي تكون تقريبا 90% متشابهة في أغلب الإجابات .مما يعني أن الكثير من الحكام يعتبرون هذه المميزات مطلوبة وعالمية. 

 إن معظم الإجابات تكون من: اتخاذ القرار، والسيطرة على الموقف، والشجاعة، والموضوعية، والنظرة النفسية الصحيحة والقوة البدنية والفهم، والاتصال غير اللفظي، وسلطة القوانين، والأمانة وإدارة الضغوطات، والسلوك الرياضي…الخ.

 لكن عند تقسيم الصفات إلى معايير بدنية ونفسية، نجد أنه ما بين 70% – 90 % من الإجابات تقع ضمن المعايير النفسية. وهناك أيضا صفات يمكن أن توضع في كلا الفئتين من المعايير.  وعندما يتم سؤال نفس السؤال لأي شخص يمارس أي رياضة فستكون الإجابة متشابهة.  وهذا يقودني إلى الإيمان بأن الأساس لتحكيم ناجح هو من 70% إلى 90 % عوامل نفسية و10 إلى 30 % عوامل بدنية.  ولهذا السبب أحب أن أسأل السؤال الاستفزازي التالي: “كيف يمكن تدريب الحكام وفقاً للمميزات المطلوبة؟

عندما يتم تدريب الحكام عادة ما تكون النسبة المئوية هي العكس تماما.  فحوالي 70 % من التدريب يركز على العوامل الفنية والعوامل البدنية، بينما 30 % يركز على العوامل النفسية.  وهذا ما يثير دهشتي وأتساءل لماذا يحدث ذلك؟

هناك الكثير من الإجابات المحتملة، لكن معظم الأسباب الشائعة هي صعوبة المواد المدرسة للحكام بالنسبة للمعلم، وأيضاً صعوبة جمع مادة التدريب كلها (العبارة الشائعة ترك الحكم وحده يفهم ويتعلم).

 إن السؤال المهم هنا هو كيف نجعل كل هذه الأمور مناسبة وسهلة الفهم بالنسبة للحكام؟

 الثقة بالقدرات الذاتية:

في الاتحادات الأندية المحترفة, تكون قاعدة النجاح هي وضع الأهداف وتحديد نظام والعمل على تطويره  لذلك يجب على الحكام أن يكونوا مثل هذه الاتحادات أو الأندية المحترفة، لديهم أهداف محددة وأيضا خطة للوصول لهذه الأهداف.  إن الحكم يكونون دائماً في موقف لا يتلقون فيه الشكر أبدا من أي مدرب .  صحيح أن هناك محاضرين ودورات تعليمية، إلا أن التطور لا يحدث فعلياً إلا أثناء المباراة مثلها مثل التعلم عند قيادة السيارة.  فيمكنك أن تتعلم الأمور الأساسية في مدرسة القيادة، ولكنك لا تتعلم في الحقيقة إلا عندما تكون في الشارع. 

في معظم الرياضيات يكون لديهم محاضرين للتحكيم لكن التدريب العملي والإشراف مفقود.  (لأن هذا الجزء يتطلب الكثير من القوة البشرية والوقت والموارد المالية).ولكن حتى بدون هذه التدريب العملي والأشراف نرى أنه يظهر لدينا حكام ممتازون، فمن أين يأتي هؤلاء؟ 

غالبا ما يكونوا أفراد موهوبين يمتلكون شخصية قوية في المواقف التحكيمية التي تتطلب ذلك.  فلحكم الناجح غالباً ما ينظر لنفسه كالتالي:

((أنا قائد بالفطرة، القائد الذي لا ينسى الآخرين علي أن أتخذ القرارات وغالبا ما تكون قرارات صعبة.  ولكن أدرك أن دوري تكميلي فأنا أرى جانب وليس كل الجوانب في الملعب))، وبالنسبة لبعض الحكام،يكون كل ما عليك فعله هو تسليمهم صفارة وكرة والقول لهم “اهتم بعملك”   ليقودون المباريات بنجاح ,بينما تجد آخرين عليك أن تعلمهم كيف يمشون قبل الجري, فالأمر هنا مشابه لما يحدث مع اللاعبون فهناك حكام يكون لديهم مهارة في بعض الأمور أكثر من أمور أخرى. 

 السيطرة على النفس

كل فرد منا لديه نقاط قوة وضعف والخط الفاصل بين العبقرية والجنون رفيع جدا.  بمعنى آخر، يمكن أن تنقلب نقاط القوة لدينا علي أنفسنا إذا لم نحدد ونسيطر عليها.  وهنا مثالين:  إن القدرة على العمل بشكل مستقل هي نقطة قوة، لكن كونك وحيدا وغيرا مدركا لأهمية العمل مع الآخرين هي نقطة ضعف..  على الجانب الآخر، كونك صاحب هدف تريد تحقيقه هي نقطة قوة، لكن العناد يجعلك تدير ذلك بصعوبة أكبر.وهذا هو السبب وراء وجوب معرفتنا بنقاط القوة والضعف.  ومن خلال التعرف عليها، تكون قادرا على السيطرة عليها وإرشادها إلى الطريق الصحيح.  والشيء الجيد هو تذكر أنه حتى لو كبحت نقاط ضعفك فإنها لا تختفي إلى الأبد.  وعندما تفقد السيطرة عليها في لحظة من اللحظات، ترتفع إلى القمة مرة أخرى. 

  بنك الذاكرة

هناك طريقتين للتعلم الأولى التعلم من أخطائنا الشخصية وتجاربنا الماضية, فكلما زادت المواقف الفاشلة التي نمر بها، كلما تعلمنا أكثر وذدنا خبرة  وسلكنا الطرق الناجحة بشكل أسرع. فهناك حكمة صينية تقول وهي أكبر دليل على كلامي((النجاح يأتي من القرارات الصائبة والقرارات الصائبة تأتي من الخبرة  وتأتي الخبرة من القرارات الخاطئة))

أما الطريقة الثانية فهي أقل صعوبة وتتمحور حول الاستفادة من أخطاء الآخرين. فأنا  لا أعرف كم الأشياء التي تعلمتها من مراقبة أداء الحكام.  لكنني حاولت دائما محاكاة الاتجاهات الجيدة والمفيدة لي التي يقوم بها الحكام.

لكن دون التقليد الأعمى حيث لا ننسى أننا جميعا أفراد ولدينا صفات شخصية متشابهة ومختلفة أيضاً وهذا يعني أن هناك شخص لديه صفات جيدة ربما لا تناسبك، فأحيانا ترى حكام شباب يحاولون استنساخ كل شيء من حكام آخرين بما في ذلك الصفات السيئة. 

من المهم أن نبني بنك ذاكرة من المواقف التي ربما نواجهها كحكام.  ومن خلال تعزيز بنك الذاكرة والإضافة إليه بشكل منتظم يمكن أن تزيد احتمال اتخاذك للقرار الصحيح تحت أي ضغط.  صدقوني غالبا ما يستخدم كبار الرياضيين هذا التكنيك لتحسين أداءهم الخاص. 

  التوقعات

 هناك شيء آخر يساعدنا على فهم ردود أفعال الأفراد تجاه أداء حكم ما ,وهو توقعات اللاعبين والمدربين حول التحكيم. إذا سألت ما الذي يطمح إليه الرياضيون من التحكيم؟

 فإن معظم المتعصبين الرياضيين يطمحون إلى أن يكون الحكام على صواب بنسبة 100 % (طبعاً شيء غير منطقي). وإذا حدث ذلك، يمكن أن يروا أن  الأمر طبيعيا.  وهذا هو السبب وراء ما نسمعه عن إخفاق الحكام وعدم نجاحهم.

 في المباراة العادية يطلق الحكام ما يقرب من 100 صفارة.  فإذا 20 من تلك الصفارات كانت خاطئة بوضوح، يمكن أن يعني ذلك بشكل ما كارثة كل دقيقتين فماذا سيكون رأي المشاهد؟

 إن الإجابة الغالبة هي: “التحكيم سيء” مع أنه لا تزال نسبة الصفارات الصحيحة 80 %.  في المباراة العادية عادة ما يكون هناك من 2- 5 صفارات خاطئة.  وباستخدام المقياس السابق نجد أن  نسبة النجاح تصل بين 95 % إلى 98%.  وبالنسبة للاعب تعتبر هذه النسبة مباراة استثنائية عظيمة بالنسبة للتحكيم.  أما بالنسبة للحكام فعليهم أن يفكروا في عدد المرات التي يطلقون الصفارة فيها وهو ما يعني بالفعل ما بين 200- 250 قرار يجب اتخاذه في أقل من جزء من الثانية.

Read more at http://daddal.e-monsite.com/pages/cours-d-arbitrage/importance-des-facteurs-psycho.html#WOHt6ZUhsrwTbC05.99

Please follow and like us: